السبت، مايو 26، 2012

حارِساً لظلِّ الياسمينِ كنتُ

حارِساً لظلِّ الياسمينِ كنتُ

Submitted by admin on Sat, 05/26/2012 - 00:00
الصورة: 
Teaser: 

قالَ البابليُّ: 
أيُّها الملحُ، أنتَ سِرُّ وجوديَ.
ردّ الملحُ: 
كم أنتَ ساذَجْ!
حملتني المرأةُ في صدرِها عشرين عاماً
اتّكأتْ فوق خاصِرَتِها كعنقود عنب
طوّقتُ عُنقَها كَلَيْلٍ من زَبَدْ
من ثَديِها الأيمنِ رضِعتُ لونيَ
وغمزت الريحَ حتى نثرتني
يباباً فوق فخذيها
حارِساً لظلِّ الياسمينِ كنتُ
من بينِ أصابِعها لعقتُ لبلابَ الصبرِ
طوّقتُ كاحِلَها
وتسرّبتُ تحتَ الإبطِ
لإبطها طعمُ رغيفِ خُبْزٍ ساخِنْ
...
قالَ البابلي:
حُلَّ عُرى العُقدةِ وارفع السحرَ عَنِّي.
ردّ الملحُ:
ألقِمِ النارَ ذاكرتك إذا ما استيقظتَ
واصنعْ لنهارِكَ ذاكِرةً جديدةْ
وإن مرّت بكَ الريحُ
لا تُحاوِل إمساكَها بتلابيبِ الخشبِ
بل امتطِ صَهوَتَها
فإذا حملتك إلى صحراءٍ
كُنْ
حبّةَ
رملٍ 
غريبةْ
و إذا حملَتكَ فوق رؤوسِ الأشجارِ
داعِبْ رأسها كما تداعب صفحةِ الماءْ
وإذا ما عُدْتَ لمنزِلِكَ ليلاً
احكِ لزوجتكَ حكايةً
وقبّل أولادَكَ النائمينَ
واهمُسْ في آذانِهِم
حُبَّ الحياةْ.
....
قالَ البابليُّ:
أتعبني ذاكَ الكلامُ المنثورُ على حجرٍ
ردّ الملحُ:
القصيدةُ امرأةٌ تختالُ رغبةً
إن تركتها لِعَطَشها، قتلكَ الظّمأُ
وإن رَوَيتها، أغرَقَكَ الماءُ
إن تغنّيتَ بِها زَجَرَتكَ
إن مَسَسْتَها قَتَلتكَ.
الشعرُ عربيدٌ طليقٌ، حُرٌّ
من الأنا و الأنت
هُدْهُد لِسانُهُ كُلَّ اللُغاتِ
حتّى كلامُ
الصمتْ
....
قال البابليُّ:
ما الفِكرْ؟
ردّ الملحُ:
إغواءٌ، وكلُّ مُفكّرٍ حوّاءْ
يُزَيّنُ لها شيطانُ الجنّةِ لعقَ السُّكَّرِ من أصابِعِ الحرفِ
إذا ما مَسّت شفتاها الندى
هوى بِها
طوبى للمُفكّرِ
علّمتهُ اللّعنةُ أن يُبارِكَ الصّفعةَ الثّانية
طوبى لهُ
سيزيفاً لا يملُ حَجرُهُ
و ثورٌ يصهل.. ويُبْدِلُ قرنهُ 
إذا أضناهُ التّعبُ.
....
قالَ البابليُّ:
وما الموسيقى؟
ردّ الملحُ:
حوريّةٌ ضاق صدرُ البحرِ بعشقها
فحمّلَ الريح عِبْءَ هواها
أرسلها لتضاجِعَ أصابِعَ عاشِقٍ
سكبَ دموعَهُ نهوند الفُراقِ.
ما حيلتُكَ إن جفّتِ الكلمات؟
ما حيلةُ الريحِ إن تنفّسَها نايٌ
يُداعِبُ صدرَ الإله؟
فيضيقُ نبضُهُ أرَقاً
ويُهَمْهِمُ لخلوده لحنَ الهزام
لا هو خَالِقُها
ولا أنتْ
هي اللهُ إذا ما حنَّ وترٌ
وآهٍ إذا فاضَ معنى.
...
قالَ البابليُّ:
لماذا أحيا فِيما سأموتُ؟
ردّ الملحُ:
لا تُفكّر بما ستَتْرُك
إذا أسرجَ الموتُ حَصانَهُ أمامَ حُلمِكَ
فكّرْ بِجُرْعَةِ ماءٍ شَرِبْتَها عِنْدَ الظّمأ
بفيء شجرةٍ في يومٍ قائِظ
ببنفسَجَةٍ غائمةٍ نَمَتْ قُربَ حَجَرٍ صقيلٍ
وَهَبَتْ حَياتَها للشّهْدِ
وَوَهَبْتَ لِلحُلْمِ حَيَاتَكَ
لا تَقُلْ انتهيت
قُلْ بَدَأتُ حُلْماً جديداً
وتناثَرَ المِلْحْ.
الكاتب: سامراء خالد
شعر عمودي: 1
خاص: خاص ألف
تاريخ المقال: 2012-05-26 السبت



ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق